بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أطهر خلق الله أجمعين
سيدنا وقدوتنا المبعوث نذيرا وبشيرا ورحمة
للعالمين وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه
واستن بسنته أجمعين .
عباد الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء في الحديث وما ذكر في
النمــــــــــــــــــــــــامون
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين جديدين , فقال :
(( إنهما يعذبان , وما يعذبان في كبيرة , فأما أحدهما , فكان لا يتنزه من البول , وأما الآخر
فكان يمشي بالنميمة ))
ثم أخذ بجريدة رطبة , فشقها نصفين , وغرز في كل قبر واحدة , فقالوا :
يا رسول الله , لم صنعت هذا ؟ فقال :
(( لعلهما يخفف عنهما , مالم ييبسا ))
البخاري(1378)/ومسلم(292)/ووابو داود/والترمزي/وابن ماجة/والنسائي/والدارمي .
احفظ لسانـــك أيها الإنســــان
لا يلدغنك .. إنه ثعبــــان
كم في المقابر من قتيل لسانه
كانت تهاب لقاءه الأقران
وعن حذيفة , قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
(( لا يدخل الجنَّة قتات )) يعني النمام .
البخاري(6056)/ومسلم(105)/وابوداود/والترمزي/وأحمد/وابن حبان .
هذا يعني أن النميمة ليست بكبيرة عندنا لكنها عند الله كبيرة , فإذا لم يدخل الجنة , لم يكن مأواه الإ النار
فإن ثبت عدم دخوله الجنة فالنار مأواه لأنه لا يوجد إلا الجنة والنار , فإن النمام ذليل في الدنيا
وهو في عذاب القبر بعد موته
وهو في النار يوم القيامة بعد بعثه
آيس من رحمة الله , فإن تاب قبل موته غفر الله له .
وروى عن قتادة أنه قال :
إن شر عباد الله كل طعان لعان نمام .
فعمل النمام شر من الساحر , ويعمل النمام في ساعة ما يعمل الساحر في شهر , وهو أضر من عمل الشيطان , لان عمل الشيطان بالوسوسة والخيال والنمام بالمواجهة والمعاينة .
قال تعالى : (( حمالة الحطب )) المسد/4 .
قال اكثر المفسرين :
إن الحطب أراد به النميمة , وإنما
سميت حطباً , لأنها سبباً للعداوة والقتال
فصار بمنزلة إيقاد النار .
وروى عن الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
(( من شر الناس ذو الوجهين , يأتي هؤلاء بوجه , وهؤلاء بوجه ))
و
(( من كان ذا لسانين في الدنيا , فإن الله تعالى يجعل له يوم القيامة لسانين من نار ))
والحديث من مراسيل الحسن من حديث أبي هريرة .
وروى عن عمر بن عبد العزيز أنه دخل عليه رجل , فذكر عنده رجلاً , فقال له عمر , إن شئت نظرنا في أمرك إن كنت كاذباً
فأنت من أهل هذه الآية : (( إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا )) الحجرات/6 ,
وإن كنت صادقاً فأنت من أهل هذه الآية : (( هماز مشاء بنميم )) القلم/11
وإن شئت عفونا عنك , فقال : العفو يا أمير المؤمنين
لا أعود إلى مثل ذلك ....
وذكر أن حكيما من الحكماء زاره بعض أصدقائه
وذكر عنده بعض إخوانه
فقال له الحكيم : قد أبطأت في الزيارة
وآتيتني بثلاث جنايات : بغضت إليَ أخي , وشغلت قلبي , واتهمت نفسك بالمين .
والمين هو الكذب .
وقال بعض الحكماء :
من أخبرك بشتم عن أخ فهو الشاتم
لا من شتمك.
نعيب زماننا والعيب فينـــــا
وما لزمانا عيب سوانــــــا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب
ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يـأكل لحم ذئب
ويأكل بعضنا بعضا عيانــا
وروى عن حماد بن سلمة أنه قال :
باع رجلٌ غلاماً , فقال للمشتري:
ليس فيه عيب إلا أنه نمام فاستخفه المشتري , فاشتراه على ذلك العيب , فمكث الغلام عنده أياماً , ثم قال لزوجة مولاه : إن زوجك لا يحبك , وهو يتسرى عليك , أفتريدين أن يعطف عليك ؟ قالت : نعم , قال لها : خذي موسي , واحلقي شعرات من باطن لحيته إذا نام
ثم جاء الزوج , وقال : إن امرأتك تخانت
يعني اتخذت خليلاً , وهي قاتلتك
أتريد أن يتبين لك ذلك ؟ قال : نعم , قال : فتناوم لها , فتناوم الرجل , فجاءته امرأته بموسي لتحلق الشعرات
فظن الزوج أنها تريد قتله , فأخذ منها الموسي فقتلها , فجاء أولياؤها فقتلوه , فجاء أولياء الرجل ووقع القتال بين الفريقين .
والشاهد أن نتائجها لا تخرج من :
زرع التشكيك بين الإخوان وهذا من أشد دعوة النمام فإذا نجح وانتصر تمادى وخطط لأبعد من ذلك , والنفرة والفرقة بينهم , والعداوة والبغضاء لبعضهم مما يُظهر شرور الأنفس من حسد وغل وتجسس وتحسس وبهتان .. الخ , وأشدها الفتنة والفتنة أشد من القتل .
ذكر أن سليمان بن عبدالملك أمير المؤمنين كان جالساً
وعنده الزهري , فجاء رجل
فقال له سليمان : بلغني أنك وقعت فيَّ , وقلت كذا وكذا , فقال الرجل : ما فعلت , وما قلت شيئا فيك , فقال له سليمان : إن الذي أخبرني كان صادقاً , فقال الزهري رضي الله عنه :
لا يكون النمام صدوقاً , قال سليمان : صدقت , اذهب بسلام .
لذا فالحذر الحذر عندما يأتيك أحدهم ولسان حاله يقول :
أن فلانا قد فعل بك كذا وكذا , وقال فيك كذا وكذا
فعليك بستة أشياء :
أن لا تصدقه
لأن النمام مردود الشهادة عند أهل الإسلام
يقول سبحانه : (( إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا )) الحجرات/6 .
أن تنهاه عن ذلك , لأن النهي المنكر واجب
يقول سبحانه :
(( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر))
أل عمران/110 .
أن تبغضه في الله , فإنه عاصي , مالم يتوب .
أن لا تظن بأخيك الغائب ظن السوء , فإن إساءة الظن بالمسلم حرام
يقول سبحانه : (( إن بعض الظن إثم )) الحجرات/12 .
أن لا تتجسس عن أمره , لأنه منهيٌ عنه
يقول سبحانه : (( ولا تجسسوا )) الحجرات/12 .
وما لا ترضاه من النمام فلا تفعله أنت
وهو التصديق والعمل بناءا بما جاءك منه
وجدت سكوتي متجرا فلزمته
إذا لم أجد ربحا فلست بخــاسر
وما الصمت إلا في الرجال متاجر
وتاجره يعلو على كل تاجر
كن ساكنا في ذا الزمـان بسيره
وعن الورى كن راهبا في ديره
واغسل يديك من الزمان وأهله
واحذر مودتهم تنل من خيـــــره
إني اطلعت فلم أجد لي صاحبــا
أصحبه في الدهر ولا في غيـره
فتركت أسفلهم لكثرة شــــــــره
وتركت أعـــــــــلاهم لقلة خيره
ولولا الشعر بالعلمـــــاء يزري
لكنت اليـوم أشعر من لبيد
وأشجع في الوغى من كل ليث
وآلـــــــــ مهلب وبني يزيد
ولولا خشية الــــــــرحمن ربي
حسبت الناس كلهم عبيدي
إذا لم أجد خلا تقيا فوحدتي
ألذ وأشهى من غوى أعاشره
وأجلس وحدي للعبادة آمنـا
أقر لعيني من جـليس أحـاذره
يريد المرء أن يعطى منـاه
ويأبى الله إلا مــــــــــا أراد
يقول المرء فائدتي ومالي
وتقوى الله أفضل ما استفاد